مذكرات زوجة - ارشيف موقع جولاني
الجولان موقع جولاني الإلكتروني


مذكرات زوجة
روى - 11\02\2008

في ليلة شتاء باردة أرخى الليل سدوله وخيم الظلام ودقت ساعة النوم. نام جميع من في البيت إلا الزوجة، لم تستسلم للنعاس وبقيت عيناها مفتوحتين والرموش متعلقة بالجفون حتى ملّت منها. فقررت أن تنهض وتكتب قليلا، لعل النعاس يقتحم تلك العيون الذابلة الحزينة. مسكت القلم ودفتر مذكراتها وكتبت:

... توقف قليلا عن مسيرك الدائم وانظر إلي. اترك هذا العمل الذي تعبده ويشغلك عني وانظر إليّ وجها لوجه! نعم أنا من يسمونني امرأتك, انظر إليّ بعين الإنسان هذه المرة. انظر إلى جسمي الذي تعب من أعمال البيت, والى يديّ اللتين تشققتا كأرض مصلوبة في الصيف. سوف لن تنظر. إنك تنفر من ذلك. لا عجب، فقد مضى وقت طويل على انتباهي لنفسي أو انتباهك لي. لن آخذ من وقتك الكثير, ولكن اسمع ما سأقول:
لقد طال البعد بيني وبين التحرر، وأود كثيراً أن أزوره أو يزورني. لا تخف فلن أخونك معه. أنا لست بخائنة. أرجوك لا تقل لي من سيعتني بالبيت، لأن عيوني ملّت من النظر إلى أركانه وأشيائه المعهودة جدا. ولا تجعل نقطة ضعفي أطفالنا، لأني لن أهملهم مهما حصل. لكن أريد أن أعرف ما الذي يجمعنا غير هذا البيت؟ شتان حقا بين فكرينا, والمسافة بينهما تبعد كلما تقدم بنا الزمن.
لا تقل لي أني سأقصر في واجبك إذا خرجت للعمل. لا، فأنا أعتبر أن واجبي اتجاهك هو حبي لك، ولكن أين واجبك اتجاهي؟ لماذا تزوجتني؟ هل أحببتني فعلا؟ إن كان كذلك فدعني أنطلق. دعني أتحرر مرة واحدة من كل هذه القيود التي كبلني بها المجتمع ورسمها لي، دون أن أكتشف تأثيرها عليّ قبل أن أثّرت واستفحل تأثيرها في جذور نفسي. حقا لقد جعلتني هذه القيود الهشّة أستسلم. جعلتني أعتقد أن مكان المرأة الأول والأخير هو البيت والمطبخ والأولاد. أتدرون ماذا؟ كدت أصدق هذا في لحظة من اللحظات، ولكني قبل أن أصدق اصطدمت بسؤال: كيف دبّرت نفسها المرأة العاملة, وملكت في آن واحد بيتا مرتبا وعملا شريفا وزوجا محبا!؟ وأفضل من كل هذا شخصية قوية؟
نصيحة لك عزيزتي المرأة أينما كنت: لا تدعي أمورا صغيرة تخنق فيك الطموح. صمي الآذان عن كل ما هو خاطئ وخاضع لأشياء لا تقنعك. انظري إلى نفسك جيدا فهي تستحق كل الرعاية منك. ولا تلومي من قطع عنك تلك الرعاية فهذا مضيعة للوقت. أكملي طريقك ولا تتوقفي عند أي حاجز لا يستحق التوقف.
تسألين نفسك من أنا؟ ستكون إجابتك: أنا كائن يحيى على هذه الأرض كباقي الكائنات الأخرى، ومن ضمنها الرجل. أسمعت؟ أنت كالرجل! كل ما لديه من حقوق لديك منها, فقط عليك أن تكوني قوية بما فيه الكفاية لتحصلي عليها. وزيدي ثقتك بنفسك. ستقولين لي أنه ليس لك مكانة اجتماعية! أقول لك: ابنيها بالعمل أو بتطوير موهبتك وعرضها على الملأ.
ستقولين لا أفهم بالسياسة، ولا دخل لي فيها! أقول لك: هذا هو التهرب بعينه. فقضية شعبك هي قضيتك، والأحداث التي تحدث كل يوم تستفزك وتجعلك تتدخلين رغم أنفك.
ستقولين لست مثقفة كفاية! أقول لك: أن الكتاب خير جليس والمطالعة تسهل عليك عبور ذلك الجسر الذي بينك وبين الثقافة. اعبري ولا تخافي. ابني ثقافتك. ابدئي من مناطق ضعفك, ولا تقولي في يوم من الأيام أنا أصبحت مثقفة، لأنه ليس من حدود للثقافة. اقرئي واكتبي وأوغلي عمقا في ثقافتك، لأن سنوات عديدة من المرض بثها فيك الآخرون آنّ لها أن تنتهي وأن تشهري لها سيف التحدي.. أيتها المرأة أينما كنتِ...

عقب على المادة

لا توجد تعقيبات حاليا